من رابع المستحيلات: أسطورة الغول والعنقاء
لِمَا نَجِيءُ نَرْفُضُ حَاجَةً أَوْ نَتَكَلَّمُ عَنْ مَوْقِفٍ مَا حَصَلَشْ أَوْ مِشْ هَيَحْصُلْ، دَائِمًا بِنَقُولُ "مِنْ رَابِعِ الْمُسْتَحِيلَاتِ"، وَكُلُّنَا بِلَا اسْتِثْنَاءٍ مُتَّفِقِينَ عَلَىٰ رَقْمِ أَرْبَعَةٍ دَهْ. يَعْنِي عُمْرُكَ مَا هَتِلَاقِي حَدًّا مَثَلًا بِيَقُولُ لَكَ: "أَنَا مِنْ ثَالِثِ الْمُسْتَحِيلَاتِ أَشْرَبُ عَرَقْسُوسَ"، بِمَا أَنَّنَا دَاخِلِينَ عَلَىٰ رَمَضَانَ يَعْنِي كُلُّ سَنَةٍ وَأَنْتُمْ طَيِّبِينَ، وَلَا هَتِلَاقِي وَاحِدًا مَثَلًا بِيَقُولُ لَكَ: "أَنَا مِنْ ثَانِي الْمُسْتَحِيلَاتِ أَتْفَرَّجُ عَلَىٰ أَيِّ حَاجَةٍ رُعْبٍ". فَشَمْعَنَا بَقَىٰ كُلُّنَا اتَّفَقْنَا عَلَىٰ رَابِعِ الْمُسْتَحِيلَاتِ؟ لِيهْ مِشْ الثَّانِي وَلَا الثَّالِثُ؟ وَيَا تُرَىٰ فِي ثَلَاثُ مُسْتَحِيلَاتٍ قَبْلَ الرَّابِعِ دَهْ وَلَّا دِي مُجَرَّدُ جُمْلَةٍ بِنَقُولُهَا وَخَلَاصْ؟
عَلَشَانْ نُجَاوِبَ عَلَىٰ السُّؤَالِ دَهْ، مُحْتَاجِينَ نَعْرَفْ أَصْلَ الْحِكَايَةِ. وَعَلَشَانْ نَعْرَفْ أَصْلَ الْحِكَايَةِ، مُحْتَاجِينَ نَرْجَعْ لِوَرَا شُوَيَّةٍ زَمَانْ، فِي فَتْرَةٍ مِشْ قَادِرِينَ نُحَدِّدْ بِدَايَتَهَا بِالظَّبْطِ، انْتَشَرَ بَيْنَ الْعَرَبِ أُسْطُورَةٌ عَنْ كِيَانٍ مُخِيفٍ وَغَامِضٍ، بَسِّ الرُّعْبُ فِي قُلُوبِ الْكِبَارِ قَبْلَ الصِّغَارِ. الْكِيَانُ دَهْ اتْعَرَفَ بِاسْمِ "الْغُولِ". الْغُولُ اتْذُكِرَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَسَاطِيرِ وَالْحِكَايَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الشَّعْبِيَّةِ، وَبِيُقَالُ إِنَّ كَلِمَةَ "غُولٍ" مُشْتَقَّةٌ مِنْ كَلِمَةِ "جَالُو"، وَهِيَ كَلِمَةٌ بِيَرْجَعُ أَصْلُهَا لِلْحَضَارَةِ السُّومَرِيَّةِ وَالْأَكَادِمِيِّينَ وَالدِّيَانَةِ الْقَدِيمَةِ لِبِلَادِ مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، وَكَانَ الْمَقْصُودُ بِهِ مَجْمُوعَةٌ مُكَوَّنَةٌ مِنْ سَبْعِ شَيَاطِينَ عَايِشِينَ فِي الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ تَحْتَ الْأَرْضِ، أَجْسَامُهُمْ سَوْدَاءُ وَمَلَامِحُ وَجْهِهِمْ مَمْسُوحَةٌ. وَالْأُسْطُورَةُ بِتَقُولُ إِنَّ عِنْدَهُمْ قُدُرَاتٍ سِحْرِيَّةً وَمُرْعِبَةً، زَيِّ إِنَّهُمْ يِقْدَرُوا يِتَشَكَّلُوا فِي أَيِّ شَكْلٍ هُمْ عَايِزِينَهُ وَيُخْضِعُوا الْبَشَرَ لَحَدِّ مَا يُسَيْطِرُوا عَلَيْهِمْ، وَأَيُّ حَدٍّ يَسْمَعْ كَلَامَهُمْ وَيُطَاعْ يَاخُدُوهُ مَعَاهُمْ لِلْعَالَمِ السُّفْلِيِّ. وَبِسَبَبِ إِيمَانِ النَّاسِ وَقْتَهَا بِوُجُودِ الْكَائِنَاتِ دِي فِعْلًا وَخَوْفِهِمْ مِنْهَا، كَانَتْ بِتِتْعَمِلُ مُمَارَسَاتٌ وَاحْتِفَالَاتٌ وَطُقُوسٌ الْهَدَفُ مِنْهَا تَهْدِئَةُ غَضَبِ الشَّيَاطِينِ السَّبْعَةِ دُولْ. وَبِالرَّغْمِ مِنْ إِنَّ مَا فِيشْ وَلَا وَاحِدٍ شَافَ شَيْطَانًا مِنَ الشَّيَاطِينِ دِي قَبْلَ كِدَهْ، إِلَّا إِنَّ أُسْطُورَةَ الْكِيَانِ الْغَامِضِ الَّذِي يِقْدَرْ يِتَشَكَّلْ فِي أَيِّ شَكْلٍ دَهْ وَيِطْلَعْ مِنْ أَيِّ مَكَانٍ عَلَشَانْ يُخَوَّفَكَ فَضَلَتْ مُتَرَسِّخَةً فِي عُقُولِ الْبَشَرِ لِقُرُونٍ طَوِيلَةٍ، وَتَحَوَّلُوا مِنْ شَيَاطِينِ "جَالُو" أَوْ "غَالُو" لِكِيَانِ "الْغُولِ". وَكَلِمَةُ "الْغُولِ" نَفْسَهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ جَاءَتْ مِنْ أَصْلِ "غَالَةَ" أَوْ "غَوَلَ"، وَالَّذِي مَعْنَاهُ "جَاءَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي وَغَدَرَ بِهِ"، وَالَّذِي مِنْهَا كَلِمَةُ "اِغْتِيَالٍ" الَّتِي مَعْرُوفَةٌ دِلْوَقْتِي. وَشَكْلُ وَمُوَاصَفَاتُ الْغُولِ مِشْ ثَابِتَةٍ فِي كُلِّ الرِّوَايَاتِ، فَتَلَاقِي رِوَايَةً بِتَقُولُ إِنَّهُ بِجِسْمِ إِنْسَانٍ وَرَأْسِ حَيَوَانٍ، وَرِوَايَةً بِتَقُولُ إِنَّهُ إِنْسَانٌ ضَخْمٌ بِشَعْرٍ كَثِيفٍ مُغَطِّي جِسْمَهُ كُلَّهُ وَعُيُونُهُ عِبَارَةٌ عَنْ كُوَرٍ مِنَ الدَّمِ، وَرِوَايَةً ثَانِيَةً تَقُولُ إِنَّهُ بِهَيْئَةِ إِنْسَانٍ عَادِيٍّ لَكِنَّ رِجْلُهُ رِجْلُ جَدْيٍ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَوْصَافِ الَّتِي تَقْشَعِرُّ لَهَا الْأَبْدَانُ. بَسِّ عَلَىٰ الرَّغْمِ مِنَ الْمُوَاصَفَاتِ دِي كُلِّهَا، إِلَّا إِنَّهُمْ كَانُوا مُقْتَنِعِينَ إِنَّ الْغُولَ مُمْكِنْ يِمُوتْ عَادِي وَتِقْدَرْ تِقْتُلُهُ، دَهْ لَوْ اِفْتَرَضْنَا إِنَّكَ فَضَلْتَ عَايِشْ يَعْنِي وَمَا جَالَكَشْ سَكْتَةٌ قَلْبِيَّةٌ مِنَ الْخَضَّةِ. لَكِنَّ الْحِكَايَاتِ دَائِمًا كَانَتْ بِتَأَكِّدْ إِنَّكَ تَطْعَنُ الْغُولَ طَعْنَةً وَاحِدَةً بَسِّ، لِأَنَّكَ لَوْ طَعَنْتَهُ الطَّعْنَةَ الْأُولَىٰ هَيِفْضَلْ يِتَحَايَلْ عَلَيْكَ إِنَّكَ تَطْعَنُهُ مَرَّةً كَمَانْ عَلَشَانْ تَرْحَمُهُ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي هُوَ حَاسِسْ بِيهِ، وَلَوْ حَصَلْ وَضَحِكَ عَلَيْكَ وَطَعَنْتَهُ طَعْنَةً كَمَانْ، الطَّعْنَةُ الثَّانِيَةُ بِتَرْجَعُ لِلْحَيَاةِ، وَسَاعَتْهَا الْغُولُ بِيِقْتُلُ الَّذِي طَعَنَهُ. وَعَلَشَانْ كِدَهْ النَّاسُ كُلُّهَا كَانَتْ بِتِتْعَبْ مِنْ كَلِمَةِ "غُولٍ"، وَعَرَبٌ كَثِيرٌ كَانَتْ بِتِتْعَطَّلُ تِجَارَاتُهُمْ بِسَبَبِ خَوْفِهِمْ مِنَ الْكِيَانِ الْعَجِيبِ دَهْ، وَخُصُوصًا إِنَّهُ اِتْقَالْ كَمَانْ إِنَّ الْغُولَ لِيهْ أُنْثَىٰ بِتَظْهَرْ لِلرِّجَالَةِ فِي نُصِّ الطَّرِيقِ عَلَىٰ هَيْئَةِ اِمْرَأَةٍ فِي غَايَةِ الْجَمَالِ وَتِفْضَلْ تُنَادِي عَلَيْهِمْ عَلَشَانْ تَسْتَدْرِجْهُمْ، وَالَّذِي بِيَرُدُّ عَلَيْهَا أَوْ يِرُوحْ لَهَا بِتِقْتُلُهُ وَتَاكُلْ أَعْضَاءَهُ. وَهُوَ دَهْ بِالْمُنَاسَبَةِ الْأَصْلُ بِتَاعُ قِصَّةِ "أُمِّنَا الْغُولَةِ" الَّتِي كَانُوا بِيُخَوَّفُوا مِنْهَا وَإِحْنَا صُغَيَّرِينَ. لَكِنْ بَرْضُه فِي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ بِتَقُولُ إِنَّ "أُمِّنَا الْغُولَةِ" دَهْ لَقَبٌ أَطْلَقَهُ الْمِصْرِيُّونَ عَلَىٰ "سَخْمَتْ" إِلَهَةِ الصَّحْرَاءِ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ الْقُدَمَاءِ. وَسَوَاءٌ كَانَتْ "أُمِّنَا الْغُولَةِ" هِيَ "سَخْمَتْ" أَوْ أَيُّ كِيَانٍ ثَانِي، فَدَهْ مَا يِمْنَعْشْ إِنَّ أُسْطُورَةَ الْغُولِ وَامْرَأَتِهِ الْغُولَةِ هِيَ أُسْطُورَةٌ عَرَبِيَّةٌ أَصِيلَةٌ. وَمِنْ هُنَا اِتْحَوَّلَتْ حَقِيقَةُ الْغُولِ لِلْمُسْتَحِيلِ الْأَوَّلِ مِنَ الثَّلَاثِ مُسْتَحِيلَاتِ.
طَائِرُ الْعَنْقَاءِ مِنْ أَشْهَرِ الطُّيُورِ الْخَيَالِيَّةِ فِي الْعَالَمِ كُلِّهِ، وَلَعَلَّ مِنْ أَكْثَرِ أَسْبَابِ شُهْرَتِهِ هِيَ السِّلْسِلَةُ الْمَشْهُورَةُ "هَارِي بُوتَرْ". بَسِّ الَّذِي كَثِيرٌ مَا يَعْرَفُوشْ إِنَّهُ عَلَىٰ الرَّغْمِ مِنْ شُهْرَةِ الطَّائِرِ دَهْ فِي الثَّقَافَةِ الْغَرْبِيَّةِ، إِلَّا إِنَّ أَصْلَ الْعَنْقَاءِ بَدَأَ مِنَ الْحَضَارَةِ الْفِينِيقِيَّةِ. وَالْعَنْقَاءُ هُوَ طَائِرٌ ضَخْمٌ يُشْبِهُ النَّسْرَ فِي شَكْلِهِ وَتَكْوِينِهِ، لَكِنْ أَكْبَرَ مِنْهُ بِمَرَاحِلَ، وَبِيَتَمَيَّزُ بِرِيشَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ مَوْجُودَتَيْنِ عَلَىٰ رَأْسِهِ مِنْ فَوْقُ، وَعِنْدَهُ مِنْقَارٌ وَمَخَالِبُ ضَخْمَةٌ وَمُرْعِبَةٌ، وَذَيْلُهُ لَوْحْدُهُ بِيِتْخَطَّىٰ الْعَشَرَةَ أَمْتَارٍ. وَبِيُقَالُ إِنَّ بِسَبَبِ ضَخَامَتِهِ لَوْ طَارَ فَوْقَ مَدِينَةٍ هَيَحْجِزُ عَنْهَا ضَوْءَ الشَّمْسِ، وَبِيِقْدَرْ يُطْلِقُ صِيَاحًا عَالِيًا وَمِنْ قُوَّتِهَا لَوْ مَدِينَةٌ سِمِعَتْهَا أَهْلُهَا كُلُّهُمْ هَيُصَابُوا بِالصَّمَمِ، وَأَيُّ مَدِينَةٍ بِتِسْمَعُ صَوْتَهُ مِنْ بَعِيدٍ بِتَعْتَبِرُهُ نَذِيرَ شُؤْمٍ وَإِنْذَارًا بِالْخَطَرِ. وَبَعْضُ الرِّوَايَاتِ بِتَقُولُ إِنَّ طَائِرَ الْعَنْقَاءِ نَشَأَ مِنَ الْحِمَمِ الْبُرْكَانِيَّةِ بِسَبَبِ لَوْنِ رِيشِهِ الَّذِي يُشْبِهُ تَدَرُّجَ أَلْوَانِ النَّارِ. وَالسَّبَبُ الرَّئِيسِيُّ فِي شُهْرَةِ طَائِرِ الْعَنْقَاءِ بِيَرْجَعُ لِأُسْطُورَةِ الْخُلُودِ أَوْ طُقُوسِ الِاحْتِرَاقِ وَالنُّشُوءِ، وَهِيَ الْأُسْطُورَةُ الَّتِي بِتَقُولُ إِنَّ طَائِرَ الْعَنْقَاءِ لَمَّا بِيِكْبَرْ فِي السِّنِّ وَصِحَّتُهُ بِتَضْعَفُ، بِيِسِيبُ مَوْطِنَهُ الْأَصْلِيَّ الَّذِي كَانَ عَايِشْ فِيهِ وَيَتَّجِهُ لِمَدِينَةٍ فِينِيقِيَّةٍ فِي شَمَالِ الْبَحْرِ الْمُتَوَسِّطِ عِنْدَ سُورِيَا وَلُبْنَانَ وَفِلَسْطِينَ، وَهُنَاكَ يَجْمَعُ أَغْصَانَ الْأَشْجَارِ الْعَطِرِيَّةِ وَيَبْنِي بِهَا عُشًّا ضَخْمًا فَوْقَ أَعْلَىٰ نَخْلَةٍ، وَبَعْدَيْنِ يِقِفُ فِي نُصِّ الْعُشِّ وَيَرْفَعُ جَنَاحَاتِهِ وَيُصَفِّقُ بِهِمْ تَصْفِيقَةً قَوِيَّةً تُخَلِّي جِسْمَهُ كُلَّهُ يَشْتَعِلُ فِيهِ النِّيرَانُ وَيَتَحَوَّلُ بِالْكَامِلِ لِرَمَادٍ، وَبَعْدَهَا يَخْرُجُ مِنَ الرَّمَادِ دُودَةٌ بَيْضَاءُ تَتَحَوَّلُ لِشَرْنَقَةٍ، وَمِنَ الشَّرْنَقَةِ يَخْرُجُ الطَّائِرُ الْقَدِيمُ فِي هَيْئَتِهِ الْجَدِيدَةِ بَعْدَ مَا يَكُونُ اِتْوَلَدَ مِنْ جَدِيدٍ، وَبَعْدَهَا يَاخُدُ بَقَايَا الرَّمَادِ بِتَاعُهُ وَيَطِيرُ بِهَا عَلَىٰ مِصْرَ وَتَحْدِيدًا عِنْدَ مَذْبَحِ الشَّمْسِ فِي هِلْيُوبُولِيسَ عَلَشَانْ يُقَدِّمَ الْبَقَايَا بِتَاعَتُهُ كَقُرْبَانٍ لِإِلَهِ الشَّمْسِ وَسَطَ اِحْتِفَالِ الْمِصْرِيِّينَ الْقُدَمَاءِ، وَبَعْدَهَا يَطِيرُ وَيَرْجَعُ مَرَّةً ثَانِيَةً لِوَطَنِهِ. وَالْأُسْطُورَةُ بِتَقُولُ إِنَّ الطُّقُوسَ دِي بِتِتْكَرَّرُ كُلَّ خَمْسِمِئَةِ سَنَةٍ، وَدَهْ الْكَلَامُ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُؤَرِّخُ الْيُونَانِيُّ هِيرُودُوتُ عَنِ الْمِصْرِيِّينَ الْقُدَمَاءِ، وَالَّذِي بِسَبَبِهِ اِشْتَهَرَتْ أُسْطُورَةُ الْعَنْقَاءِ عِنْدَ الْغَرْبِ، وَتَحَوَّلَ طَائِرُ الْعَنْقَاءِ لِلْمُسْتَحِيلِ الثَّانِي الَّذِي عُمْرُكَ مَا هَتِشُوفُهُ، وَغَالِبًا مَا حَدِّشْ شَافَهُ قَبْلَ مِنْكَ. لَكِنَّ السُّؤَالَ الَّذِي يَطْرَحُ نَفْسَهُ بَقَىٰ: اِشْمَعْنَا دُونًا عَنْ كُلِّ الْأَسَاطِيرِ الْغَرِيبَةِ الَّتِي فِي الْعَالَمِ كَانَ الْغُولُ وَالْعَنْقَاءُ بِالتَّحْدِيدِ مِنَ الْمُسْتَحِيلَاتِ الثَّلَاثَةِ؟
لَوْ رَكَّزْنَا مَعَ الْمَقُولَةِ بِتَاعَةِ "رَابِعِ الْمُسْتَحِيلَاتِ"، هَنِلَاقِيهَا مِشْ بِتِتْقَالُ غَيْرَ بَيْنَ شُعُوبِ الْوَطَنِ الْعَرَبِيِّ وَبَسِّ، يَعْنِي مِشْ جُمْلَةً مَشْهُورَةً عَلَىٰ مُسْتَوَىٰ الْعَالَمِ، وَعَلَشَانْ كِدَهْ مُرْتَبِطَةٌ أَكْثَرَ بِالْأَسَاطِيرِ الَّتِي جُسُورُهَا عَرَبِيَّةٌ بَسِّ. بَرْضُه مِشْ هِيَ دِي الزَّيْتُونَةُ، زَيِّ مَا فِي نَاسٍ زَمَانْ دَخَلَ عَلَيْهِمُ الْحَوَادِيتُ دِي، فِي بَرْضُ نَاسٍ ثَانِيَةٍ مَا كَانَتْش مُصَدِّقَةً. وَوَاحِدٌ مِنَ النَّاسِ دُولْ كَانَ الشَّاعِرُ صَفِيُّ الدِّينِ الْحِلِّيُّ، اِتْوَلَدَ صَفِيٌّ وَعَاشَ فِي بَغْدَادَ فِي الْفَتْرَةِ مَا بَيْنَ 1277 لِـ 1339 مِيلَادِيَّةً. لَمَّا كِبِرَ صَفِيٌّ اِشْتَغَلَ فِي التِّجَارَةِ، لَكِنَّهُ كَانَ مُحِبًّا لِلشِّعْرِ وَالْقَصَائِدِ وَالدَّوَاوِينِ، بَسِّ لِأَنَّهُ كَانَ عَايِشْ فِي الْفَتْرَةِ الَّتِي الْمَغُولُ دَخَلُوا فِيهَا بَغْدَادَ وَدَمَّرُوا الْخِلَافَةَ الْعَبَّاسِيَّةَ، الشِّعْرُ بِتَاعُهُ اِتْأَثَّرَ بِسَبَبِ الظُّرُوفِ الْغَيْرِ مُسْتَقِرَّةِ، وَمُعْظَمُ الْأَبْيَاتِ الَّتِي كَتَبَهَا كَانَ بِيَضْغَىٰ عَلَيْهَا الْحُزْنُ وَالْيَأْسُ. وَوَاحِدٌ مِنْ أَشْهَرِ الْأَبْيَاتِ دِي هُوَ الْبَيْتُ الَّذِي قَالَ فِيهِ: "لَمَّا رَأَيْتُ بَنِي الزَّمَانِ وَمَا بِهِمْ خِلٌّ وَفِيٌّ لِلشَّدَائِدِ أَصْطَفِي، أَيْقَنْتُ أَنَّ الْمُسْتَحِيلَ ثَلَاثَةٌ: الْغُولُ وَالْعَنْقَاءُ وَالْخِلُّ الْوَفِيُّ". وَلِأَنَّهُ كَانَ تَاجِرًا كَبِيرًا أَبْيَاتُهُ لَفَّتْ مَعَاهُ الْوَطَنَ الْعَرَبِيَّ وَانْتَشَرَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ الْمُسْتَحِيلَاتِ ثَلَاثَةٌ: الْغُولُ وَالْعَنْقَاءُ وَالْخِلُّ الْوَفِيُّ الَّذِي هُوَ الصَّاحِبُ الْوَفِيُّ. وَمِنْ وَقْتِهَا بَقِينَا نَقُولُ عَلَىٰ أَيِّ مُسْتَحِيلٍ زِيَادَةٍ إِنَّهُ مِنْ رَابِعِ الْمُسْتَحِيلَاتِ.